Wednesday, 11 September 2019

(تجليات في ظلمات ثلاث)

أسدَلَ الليلُ سِترَهُ.. و استبدّا
و على الكون، و المدارات جَدّا
:
ظلماتٌ، إذ بعضها فوق بعضٍ
مطبقاتٌ، و قد تجاوزن حدّا
:
ظلمةُ الليلِ، فوق مكة أرختْ
حُجُباً... إثرها النهار تردّى
:
وستأتي شمس النهار عليه
يرفع النورُ - حين يجلوه- بندا
:
ظلمة الليل.. و الأشد قتاماً
ظلمة الكفر....  لن تكون  أشدا..!
:
وسط هذا الظلام كان سراجاً
والبشارات انفذت فيه وعدا
:
و هو في الغار.. ظلمةٌ ثَم أخرى
سوف تُجلى بنوره إن تبدّى
:
وحده كان.. والظلام محيط
وهو للقادم الجليل استعدا
:
وحده يبصر السماء بعينٍ
و فؤادٍ على الاذى كان جلدا
:
كان و الصمت حوله في حراءٍ
مفرغاً في تأمل الكون.. جهدا
:
هو في الغارِ إمة من يقينٍ
خاب من ظن أنه كان فردا
:
إنه الصادق الأمين إذا ما
جاء في القول أسهب الناس حمدا
:
هو في الغار... في سكينة قلبٍ
هو أزكى القلوب قلباً .. و أهدى
:
وهو أرجى الذي ترجّى ضعيفٌ
و هو انقى الكرام كفّاً و أندى
:
مطعمٌ للفقير... يعطي جزيلاً
ليس ممن ( أعطى قليلاً و أكدى)
:
حين نادى جبريل.. والكون يصغي
للأمينَين... والتباشير تهدى
:
اطرقت في حراء كل المعاني
و أضاءت لنا حجازاً و نجدا
:
كان في الغار... مولد النور يسمو
حدثٌ من ذرى السماء استجدا
:
حين نادى الأمين إذ قال: (إقرأ)
يا أميناً على الرسالة.. ردَّا
:
قال مستفسراً بـ(ما.. ؟ ) ... في ذهول
و بـ(ما...! ) قد نفى القراءة قصدا
:
جاء بالحب.. والتسامح ديناً
كل آثاره بها الخيرُ أجدى
:
حين أسرى به الى القدس ليلاً
منه - سبحانه- قِواهُ استمدّا
:
حيث صلى بالانبياء إماماً
ما أدعى الفضل حين قام و أبدى
:
إنما هم لفضله قدّموهُ
ولهم فضلَه المقدمَ أسدى
:
ذلك الليل كان أكمل نوراً
بالنبيينَ.. كالكواكب وَفدا
:
من الى آخر السماوات يرقى
لمقام لم يتخذ فيه  ندا
:
هو في سدرة الكريم نزيلٌ
بالصلاوات منه قد حاز رِفدا
:
خاتم الرسل، أطهر الخلق جمعاً
جاء للناس بالمحجة عهدا
:
و الى الله داعياً و رسولاً
و إماماً بكل ما كان يفدى
:
خاتم الأنبياء يكفيه قدراًو

 مقاماََ.. أنْ كان لله عبدا

د. عزاوي الجميلي 

No comments:

Post a Comment