مشكاة الحياة
تنهّدتِ الدنيا و طالَ انتظارُها
و أحجم عن وقت البزوغِ نهارُها
فلا الليلُ إذ تغفو إلى الفجرِ ينتهي
ولا هيَ إن أحْـيَتهُ هان اضطرارُها
وكانت.. كأن الليل إذ مدَّ جُنحهُ
على وجهها.. أنثى عليها خمارُها
على ظلماتٍ بَعضُها فوق بَعضِها
تَعاظَمَ في هذا الظلامِ مَرارُها
ولا النجمُ فيها إذ هوى.. فازَ بالذي
اليهِ هوى.. إذ مَنْ هوى شطَّ دارُها
و لا القمرُ المنشقُّ في سرِّ عُـتمةٍ
يُضيءُ... كذا الأفلاكُ بانَ انكدارُها
و لا الشعرُ في النجوى يسلّي حزينُها
و لا شيءَ يُغري... كي يدومَ اصطبارُها
كذلك كانت... ترقبُ الفجرَ.. طرفُها
حزينٌ... وكم قد طال فيه حصارُها
فلا منقذٌ للناس مما ينوبها
ولا مرشداً.. يرجوه - يوماً – مسارُها
ولا الرومُ في بحرِ الظلامِ بكفّها
نجاةٌ.. و وسطَ الموجُ هاجَ دُوارُها
ولا الفُرْسُ فيها فارس ذو شكيمةٍ
لينقذَها.. و لتحرقِ الفرسَ نارُها
وما كان في الصحراءِ غير بشارةٍ
أهلّت بعامِ الفيلِ.. أنتَ اختيارُها
وُلدتَ يتيماً... كي ترى حال يُتمنا
تُريْنا يتيماً، في البرايا خيارُها
و زارَ بَـني سعدٍ - وقد جِئتَ- سعدُهم
فلم يبقَ في عين رأتكَ عَوارُها
و غاصَ (بَحيرا) فيك في بحرِ حَيرةٍ
أموراً رأى.. أعياهُ فيكَ اختبارُها
تحيّرَ في أمرِ الغمامةِ ظَللتْ
صبيّاً.. و أغصانٍ تدلّتْ ثمارُها
وما بين كَتْـفيه الشريفين خاتمُ
النبوة.. دربٌ للهدى لا يَحارُها
نشأتَ أميناً صادقاً.. كل خِصلةٍ
بأخلاقكَ المُـثلى يَقـرُّ قرارُها
هجرتَ من الدنيا النعيمَ و طيبَها
وضمَّك في دنيا التأملِ غارُها
و خاطبكَ الناموسُ.. في جوفِ ليلةٍ
هيَ القَدْرُ.. قد عم الحياةَ عَمارُها
غدا الغارُ مشكاةَ الحياةِ بأحرفٍ
يرددها جبريلُ.. يزهو منارُها
و عدت إلى زوجٍ رؤومٍ محمّلاً
بما ستلاقي.. فاحتواك دِثارُها
وناداك أخرى..( قُم فأنذر) وعندما
صَدعتَ بأمر الله بانَ مرارُها
رُميتَ بقول الشعر.. و السحر.. و الأذى
و حوربتَ.. إن الحرب يُدمي استعارُها
عفوتَ.. ولم تنقم.. دعوتَ لهم.. ولم
تعامِلْهُمو بالمثل.. يحدوك ثارُها
و هذَّبت بالقرآن أخلاق أمةٍ
فعزّت به دهراً و عزّ جِوارُها
و أسست بالنهجِ الإلهيِّ دولةً
تقومُ على التوحيدِ وهو شِعارُها
لها دانَ شرقُ الأرضِ والغربُ كُلّهُ
ولم يتكرَّرْ في البلاد غِـرارُها
عليك صلاةُ الله ما طار طائرٌ
و ما زقزقت فوق الغصونِ صِغارُها
صلاةً بها نرجو من الله رحمةً
إذا خِيضَ في يومِ التنادي غِـمارُها
د.عزاوي الجميلي
كانون الثاني 17
2021
No comments:
Post a Comment